عن النبوة وورثتها الحقيقيين في عصرنا، من هم؟

النبوة، خرق الحُجُب، الحُجُب التي تفصل الحقيقة الفعلية المتوارية في الوجود بين الإنسان ووعيه بها، فغاية النبوة إذن كشف الحقيقة جلية أمام الوعي، أمام الإنسان، بغض النظر آمن بها أو لم يؤمن… 
والفارق هو أن خرق الحجب في عهد الأنبياء كان معجزا، ومعلوم أن محمدا ختم الوحي المعجز وأنهاه، وترك لنا (نبوة استخلافية عامة) كل إنسان مستخلف في النبوة استخلافا يبقى في طور الإمكان ما لم تتحقق فعليا، لكنها نبوة استدلال لا نبوة إعجاز.
وإذا كان الثابت في النبوة خرق الحجب، فمن الذي يمكنه القيام بخرق الحجب غير من امتلك ناصية العلوم الحقيقية، كل علم يمكن أن يوصلنا إلى مابعد المعلوم لدينا “الآن” (Actual)، فيجعل من غير المعلوم معلوماً “بعد ذلك”.
من هم هؤلاء؟ غير الجهابذة ممن امتلك علوم الآلة المعاصرة (الرياضيات، المنطق، اللغة، وفقه العلم، وفقه الوجود… بمدلولاتها الحَديثة والمُحدَثة والمُحدَّثة في معاهدها وجامعاتها ومخابرها ومجلاتها ومؤلفاتها) وسخرها في كشف المجهول في علوم الغاية.
فمن هم ورثة الأنبياء في عصرنا غير هؤلاء الذين يستوعبون إشكالات العلوم الراهنة استيعابا فعليا، يدركون فيها ما هو مجهول فعلا بالنسبة للبشرية ولم تصل إليه بعد مدارك الإنسان على المستوى الكوني، وفي “الوقت الحقيقي” (Real Time)، ودون اجتزاء أو مجاوزة للحاصل من العلم في الكون كله…
فيكون تشجم عناءِ المُحَيِّر من الإشكالات ومعضلها الإعضال الحقيقي، سعيا فعليا لتحمل الرسالة المنوطة بالإنسان، وإن لحظة اكتشاف المعضل والمحير، تكون هي لحظة الكشف الحقيقية، عند انكشاف المجهول أمام البشر.
وهؤلاء هم أحق بالشهود والشهادة (شهود الحقيقة لأول مرة بعد أن كانت في طي المجهول البشري) والوسطية (بما هي توسط بين المعلوم والمجهول والنيابة عن البشر في سحب المجهول إلى منطقة المعلوم لينضم إلى حيز مدارك البشر).
ومن ذلك أيضا يكون سحب مكنون الدين من الغامض إلى الواضح، الذي لا يكون إلا بعد امتلاك ناصية العلوم الآلات المتقدّم ذكرها في مجملها، حتى يصبح من حقنا ادعاء الغوص في مجاهيل الدين والإيمان، وعدى ذلك فليس الأمر إلا أماني…